الفعل Action
يفهم الفعل بكيفية تقليدية بكونه السلوك الختار
ضمن مداولة داخلية، ضمن معرفة غاياتنا و دوافعنا، وضمن وضعية العالم. بعد قرارنا،
نعمل على تنفيذ سیناریو الفعل المصمم بداخلنا.
لکن ينظر إلى الفعل أيضا باعتباره التجلي ذاته
لحياتنا، مثلما يكون ذلك في التزامنا الدائم، على طول السلم الزمني، وفي الغالب من
أن دون أن تكون أفعالنا ثمار لانتقاء متروي. إنها تبدو بالأحرى وكأنها تنفسنا العملي
الذي يتعذر كبته، بل هي بالأحرى ما يقوله تقريبا (من بين أمور أخرى) المصطلح الماركسي
البراكسيس praxis والمصطلح الهيدغيري
الوجود - في - العالم être- au-monde .كيف لا يمكن
أن نخلص، ضمن هذا المنظور، إلى أن هويتنا النفسية والتاريخية هي نتاج لفعلنا؟
من ناحية أخرى، يبدو الفعل أيضا وكأنه الموضع
حيث نكون مدعوون ومسؤولون أمام اقتضاءات تتجاوزنا وتتجاوز أفعالنا. وإذا كانت الأخلاق
أن تصل إلي وتعنيني، فذلك يكون على مستوى الفعل. وإذا كان ممكنا إعطاء شكل وحياة لسياسة
جيدة، فذلك يكون عن طريق الفعل وفيه. إذا استطعنا بصورة جماعية تطوير معرفتنا، إلى
البحث عن الحقيقة فيكون ذلك من جانب طرائق
خاصة للفعل: من خلال الإمتثال في سلوكنا لما نسميه المنهج العلمي.
يبدو إذن أن الفعل يقع في مفترق طرق الواقع والمثالية. إن وصفا واضحا للواقع الإنساني قد يراه محاكا تماما من الفعل، إلى حد لا يرى سوى الفعل في الحركية الفعلية لعالمنا. وفي الوقت نفسه، صلاتنا بالاقتضاءات، الأخلاقية، السياسية، الجمالية، النظرية، تتطفل على أفعالنا وتحولها نحو عالم آخر في كل مرة: فالفعل يشهد بامتياز على ما هو بداخلنا يتجاوز العالم، يتجاوز كل عالم.