إلى: الرئيس دونالد جيه ترامب.
لَقَدْ نَابنِي خَطْبٌ مُستكشفا في مكان آخر
تلك القيمة الحقيقية للشخصية الميكيافيلية، والتي تحددها الوسائل التي يستعملها الميكيافيلي الحقيقي ليتولى بها السلطة، وكيف يسعى لإدارة جماعته، ويبسط عليهم قوته و بَاعه؟ أما ما يتعلق بصعودكم إلى السلطة، فيجب أن أشيد بك، وأشيد بانتصاراتك البارعة على أندادك.
لقد قسّمت الاتجاهات المختلفة قيصر البرابرة في بلاد الغال مع قومه، حتى أنهم عندما توحدوا تحت قيادة (فرسن جتريكس) لم يُحقّقُوا نصرا. وها هي الانقسامات القائمة في الفصيل الديمقراطي المعارض لربما نجدها حاكمة في النهاية وذاتُ كِلْمَة. يجب أن أحرر وأشيد بقدرتك على تَبْرِيضِ الفرصة والثروة - وإنها لَمَكْسب ذكوري - وهذا يُضافُ كذلك إلى قدرتك على استخدام الحلفاء المخفيين. وَإِذْ أذكر ذلك فيجب أن تتحول إشادتي هذه إلى فرصة تحذيرية، لأن هذه الأساليب التي وَرَّثَتْكَ النجاح قد يكونُ فيها حَتْفُكَ. أبْصِر (أغاثوكليس)، طاغية (سيراكيوز) الذي ما إن وصل إلى السلطة التوى ذابحا وجازرا لقومه. لم ينل وصية آثامه فحسب، بل احتفظ بها. لماذا؟ لأن ارتكابه لأبشع الذنوب يقوده بعد ذلك لطمأنة رعاياه ويعوض عن آثامه. للأسف.. إن هذه هي الحكمة السائرة في الخطيئة التي نفتقدها اليوم.
إِنَّ خطاياك المخالفة للحِكمَةِ في الانتخابات والسلطة قد ارتُكبت مُتَتَابِعَةً و بالطريقة ذاتها التي تسمح بتذوق الرذيلة المُرَّةِ في أفكار رعاياك. إنَّ هذه الخطايا تَتَضمنُ الإساءة لسمعة عدوك - ربما يكون هذا ما يجلب لك النصر، لكنه يجلب الأعداء والتكاليف الجسيمة أيضا. إن أعداءك الخائفين والمُفَكَّكِين يحملون ضغينة في صدورهم أكثر من أي وقت مضى، وبالتالي لن يهدأ لهم طرف حتى يهزموك. تذكر معي (غراتشوس)، الذي قاد جيشا متكونا من العبيد ضد القرطاجيين، ويعاقب بجزّ الرأس أي أحد ينبز جنوده بالعبودية السابقة - هذا ما ألهبَهم وذكرهم بمن استعبدهم.
وإنني أراك تختارُ كلماتك بشكل سيئ وترسلها عبر البريد الليلي، إنها تُذَكر أعداءك وتوقظ مجموعة الذئاب المتعطشة لدماءك.نِلتَ حُلفاءَ داخل دولتك وخارجها فَبَوَّؤُوكَ الدار لتعتمد عليهم. هؤلاء الحلفاء ليس لديهم مايعطوه، وقد كنت محظوظا لأنهم يتناقرون تناقر الغِربان فيما بينهم. لكن: احذر من روسيا، لأن الفساد صار سرطانا في الدولة والشعب هُنالِك، وذاكَ سيدهم سوف يستخدمك في مصالحه.
عندما يهاجمك أعداؤك الحقيقيون، فقد تكون مكتسبا لصورة المساعدة الموعودة من الحلفاء بدل المساعدة ذاتَهَا. لقد كان ذلك عندما سعى الفلورنسيون إزاء هجوم ملك نابولي في ظل حلفاء البابا، إلى اكتساب المعونة التي لم يروها من أصدقائهم في بولونيا وميلانو، إنما هي صداقة تقدم [سمعة سيئة أفظع من الحماية].
لذا كن مثل قيصر من قبلك، واحذر أفكار شهر مارس لأنك إذا تراجعت في حكمك في البيت أو البحر، فإن الذئاب ستأتي إليك لا محالة، وتطغى شهوة الدم: لن يكون لا سيف تضرب به ولا درع تدافع به.
لا يزال هناك وقت لتتعلم القراءة والكتابة، وتعتمد مزاجا يليق بالميكيافيلي الحقيقي، يجب أن تتحدث وتظهر بصدق، حتى لو كان ضروريا التحامل على بعض الأكاذيب أحيانا. إنك منفوش حتى الآن في الظهور بمظهر الرجل الفاضل واخترت تهدئة البعض وتنبيه الآخرين. لقد وصلت إلى مقامك لصالح الشعب. يجب عليك أن تكون قاهرا، وتنشئ هذا الإحسان، لا يزال الكثير يحذر فضائلك. يجب أن يكون اهتمامك الأول تهدئة الساخطين، لكنني أراك تتصرف بقسوة، وتعاقب وتسيء معاملة مُعارضيك، في الوقت الذي لن تتحمل فيه صورة القسوة. مثل (مانليوس كابيتولينوس)، الذي امتدح الأكاذيب لعامة الشعب لإثارة الفتن في المدينة. إنك تُمجد مثل هذه الافتراءات، التي يكون العديد منها أكبر من (مانليوس)، ودون أن تستطيع توقع نفس المصير إلا إذا واصلت فيها. إنكَ تزرع الأكاذيب والاحتيال ومابينهما لتنفير عامة الناس والأرستقراطيين على حد سواء، وهكذا تفقد أي مَعْرُوفٍ بَاقٍ. ستتحقق أسوأ مخاوفك ولن تتحمل المؤامرات النبيلة لكاسيوس الحديث أو تتوقعها فحسب، بل المؤامرات الشائعة لأنطوني الحديث أيضا..
إن كلمتي الأخيرة والدرس الأخير هو: السبيل الذي لا تخسر به منصبك بسبب حماقتك، فكل فعل جديد يعزز أغلاطك السابقة. والأهم من ذلك اختيارك لِمُحَامٍ قام بخيانتك.
تذكر أن: "الطريقة الأولى لتقدير ذكاء الحاكم هي النظر للحاشية حوله." يبدو أن الرجال الذين دخلوا في عملك مجرد متملقين، كما أرى في (رينس بريبوس)، أو المتلاعبين المتوحشين، كما أرى في (ستيفن بانون). كلاهما غير مرغوب فيه، لأن المتملقين يحرمونك من المشورة الصحيحة، وسيؤدي المتلاعبون لفقدان المشورة السليمة على وجه التحديد عندما تحتاج إليها، وكلاهما فشل فشلا ذريعا في ذلك.
لقد اخترت وزراء لرئاسة الوزارات التي لا يعرفونها، (بن كارسون) و(ريك بيري) رئيسين من بين هذه الفئة. إنك تملأ حكومتك بالحمقى. لا يستشير الحمقى سوى الأحمق، فاختياراتك لا تثير إلا صورة الحماقة عليك.
يجب أن أحكم بشكل نقدي على هجومك على الأسس الصحيحة للحكم. كما هو الحال في روما، حيث تقسمت سلطة الحكومة بين القنصل والسيناتور على حد سواء، أنشأ مؤسسوكم جمهورية مثالية يتقاسمها الرئيس وعضو الكونجرس والقاضي على حد سواء، كل منهم متساو في الحكم. ومع ذلك فأنت تأمر المساوين لك في الكونجرس بالقيام بالمزايدة، وتقويض نظرائك في المحاكم عبر التهديد باللوم على أي سوء يصيب - أو سيصيب - ولايتك. لقد ناشدت في هذه الهجمة تعاطف الجماهير بينما لا تتصرف في صف مصالحهم، بل لصالح عائلتك الأرستقراطية.
تذكر أن تفكك المصالح بين الأغنياء والفقراء هو ما جعل من روما ما كانت عليه، لذا فإن حشو عشك بالأمنيات الضائعة للكثيرين دعوة للشقاق في جمهوريتك. في الأسابيع التي تلت تنصيبك الأول، شكّلتَ نفسك لتصبح عدوا للجمهورية، وسيسجل التاريخ حكمك على أنه أسوأ حتى من (أغاثوكليس). كان هذا الطاغية اليوناني رجلا في "الوحشية والشر اللانهائي"، لكنه على الأقل كان يمتلك "عقلا عظيما" وحاول أن يحكم مصلحة إمارته.ليام فرولاند، موقع SALON.