- عنوان الكتاب: الزمان الوجودي PDF
- تأليف: د.عبد الرحمن بدوي
- الناشر: دار الثقافة - بيروت
وجود الإنسان نسيج من الواقع و الإمكان، يحاك على نول الزمان. فالوجود نوعن، و كلاهما يطلق بعدة معان: وجود مطلق، ووجود معين.
أما المطلق فيمتاز خصوصا بخصائص ثلاث: "1" أولاها أن تصوره أعم التصورات، أو كما قال أرسطو "2": هو أكثر الأشياء كلها عموما و كلية، و هذه الكلية ليست كلية الجنس، أعنى أن الوجود ليس جنسا يشمل الموجودات بوصفها خاضعة للتقسيم إلى أجناس أدنى و أنواع، و إنما هي كلية فوق كل جنس مهما كانت درجته في العلو، و لذا نعت المدرسيون هذا النوع من الحدود بأنه حدود متعالية، أي تلك التي تتعالى على المقولات الأرسطية و تصلح للحمل على الموجودات كلها بلا استثناء.
و العلة في هذا أن الوجود ليست صفة تحدد التصور أو الماهية، بمعنى أنها شيء ينضاف إليه فيعينه صفة كما هي الحال بالنسبة إلى كل حد يدخل تحت المقولات، و إنما هي كما يقول كنت "3" : مجرد وصع شيء أو تعيينات في ذاتها، و لذا لا يعدها هو محمولا حقيقيا. ولكنم هذا العموم ليس معناه الوضوح، بل العكس: هذا التصور هو أشد التصورات غموضا و أخفاه، بالنسبة إلى المعرفة البرهانية التصورية على الأقل.