ملخص كتاب التسويق 4.0 لمؤلفه فيليب كوتلر :
كما هي حياة الإنسان تنمو و تتطور و تنتقل من طور إلى آخر فإن حياة المصطلحات المستخدمة في سوق العمل تتطور أيضا و تكبر، و لأن التسويق ركيزة مهمة في عالم المال و الأعمال فإن الكتاب يأخذنا في رحلة لتعريفنا بتطور مفهوم التسويق الذي نشأ في البداية مهمة مدفوعة بالإنتاج فمن ينتج يرغب بتسويق منتجه و عرضه على المشترين المحتملين.
ثم تطور التسويق ليصبح يعتمد على الزبائن ب شرائحهم المتعدد و مخاطبتهم بطريقة جماعية عامة بعدها تطور المفهوم ليصبح مرتكزا على الإنسان في محاولة لتخصيص التسويق مع ما يريده الإنسان تحديدا، فأصبح أكثر تخصصا و تركيزا، ثم انتقل أخيرا مفهوم التسويق لطوره الحالي الذي نعيشه و هو التسويق الرقمي الذي أحدث ثورة بانتقاله من التسويق الفردي المتخصص إلى التسويق الجماعي المتناسب مع الفئات المختلفة مع بقائه معتمدا على فهم حاجات و رغبات كل هؤلاء الأفراد، و الذي انتقل أيضا من التسويق العمودي القائم على فكرة انتقال فيض المعلومات بإتجاه واحد، أي من الشركة للزبون بما يشبه عملية التلقيم و الأمر إلى التسويق الأفقي الذي يعزز تبادل المعلومات و انتقالها بمختلف الإتجاهات و يبرز أهمية التغذية الراجعة التي يبنيها و يعززها الزبائن من خلال تقييم للمنتج أو الخدمة و هو القائم أيضا على سرعة ارسال التسويقية للزبون في إطار لن يتعدى خمس ثواني و التي تحكم فيما إذا استطاع الإعلان جذب اهتمام الزبون من عدمه على عكس التسويق التقليدي، الذي كان باستطاعته أن يوصل رسالته من خلال الدعايات و الإعلانات، التي تتجاوز 5 دقائق أحيانا.
من المنطقي أن توجه جهود التسويق إلى أكثر الفئات التي ستشتري المنتج أو الخدمة، و لكن من هي هذه الفئات وفق لدراسات السوق و الأبحاث التي تمت على شرائح من الزبائن فقد تم اعتبار فئات الشباب و النساء هم أهم فئات الزبائن و هم ما يعرف باختصار.
YWN = Youth, Women, and Netizen
فالشباب هم الفئة التي تشكل التعداد السكاني الأكبر في العالم و هم من يتخذون قرارات الشراء بسرعة ويرغبون بسرعة بمواكبة العالم و تجربة كل ما هو جديد، و النساء في غالب الثقافات من يمتلكن القرار النهائي و الرئيسي لشراء شيء معين خاصة إذا ما تعلق الأمر بمتعلقات العائلة و المنزل و هن كما أثبت غالبية الدراسات، من يملكن ميزانية البيت و يدرنها، أما الفئة الأخيرة ما يسمون بمواطني الإنترنت أو سكان الإنترنت حيث أنهم يتصلون دائما بهذا العالم و يتفاعلون بما فيه و يعبرون رضاهم أو سخطهم من المنتجات بكل علني ولا يترددون بمشاركة تجاربهم مع الجميع.
و من هنا تبرز آرائهم لأنها تتعداهم و تصل للكثيرين الذين سيتأثرون بها، أما عن الطريقة الأنسب للتخاطب معهم ويوضح الكاتب أن التطور الذي نعيشه في ظل التكنولوجية المتقدمة أثر كثيرا على طرفي عملية البيع و الشراء حيث كان التسويق التقليدي قائما على وجود حاجز بين الشركات و بين زبائنها حيث تقوم الشركة بتطوير منتجاتها من خلال فريق البحث لديها، و المعروف ب "research & development" البحث و التطوير، ثم تقدم المنتج للزبائن و تنتظر تعليقاتهم أو في حالات ضيقة تسعى الشركة لأخذ التغذية الراجعة من الزبائن بنفسها و لكن كل هذا الأسلوب لم يعد كافيا، و صار بحاجة لتطوير كبير و هذا ما قامت به مثلا شركة P&G، حيث غيرت قسم البحث و التطوير فأصبح قسم الإتصال والتطوير "connect & developé".
هذا يعني أن الإتصال المباشر و الدائم مع الزبائن، يتيح للشركة فهم رغباتهم بصورة مسبقة مما يمكنها من تصنيع و إنتاج ما يريدونه، وهو ما يزيد من فعالية العملية و يزيد عوامل نجاحها.
مع الإيمان العميق بأهمية فهم التحولات الرقمية و التفاعل معها لكسب الزبائن لابد أن ندرك أن الزبائن بشر، و هم بحاجة للجانب الإنساني عند تأكيدهم لقرار الشراء و هو ما لاحظته شركة
" zappos" لشراء الأحذية ، حيث أدركت أن شراء الزبائن للأحذية عن طريق الإنترنت قد يكون مرهقا دون وجود لمسة إنسانية وإرشادهم و دعمهم، مما جعلها تقدم مركزا للإتصال مع مستشاري التسوق أون لاين، يقدمون النصيحة للزبائن لكي يتخدوا قرارهم بسلاسة و مريح نفسيا، هذا الأمر نراه أيضا في المراكز المالية السريعة لمصرف أمريكا، حيث يمكن للزبائن الاتصال بالفيديو مع الموظفين للمساعدة، و غيرها الكثير من الأمثلة الحديثة التي أدركت أهمية المزج بين التسويق التقليدي و الرقمي، و عدم الإعتماد الكلي على التسويق الرقمي، بما يمكن أن يؤدي إلى غياب الثقة الإنسانية و بالتالي عزوف الزبائن.
و هنا يفصل الكاتب أهمية مفهوم التقييم الموجود على الأنترنت، و يوضح أنه سلاح مهم يجب على الشركات الإستفادة منه، لأن الزبون يتأثر بثلاثة عوامل عند رغبته بشراء شيء معين وهي:
1- التسويق الذي تلقاه من قبل الشركة.
2- تصوراته المسبقة عن المنتج أو ما يشبهه.
3- ويتأثر أيضا و بشكل رئيسي بآراء أصدقائه و الناس الآخرين، الذين سبق لهم تجربة المنتج من قبل.
في التسويق التقليدي كانت علامة نجاح البائع هي عودة الزبون لتكرار عملية الشراء مرة أخرى، ولكن هل هذا ينطبق على عصر التسويق الرقمي، بحسب دراسات السوق تبين أن معيار النجاح هو انتقال الزبون لمرحلة التأييد لهذه الشركة أو المنتج، أي رغبته في التعبير عن تجربته الممتازة، مما يعني تحولها لمصدر تسويق للمنتج و ذلك من خلال مبدأ التقييم و تشجيع محيطه على تجربة المنتج و هو ما يعرف بانتقال المسار للزبون من مرحلة A4S إلى A5S.
و هنا تبرز أهمية التقييمات حتى السلبية منها فكما يوضح الكاتب بأن التقييم السلبي قد يكون محفزا لظهور التقييم الإيجابي و أن الحيادية و السلبية و عدم إعطاء التقييم قد تكون السيناريو الأسوء بالنسبة للشركات.
و كل هذا يفسر حرص الشركات حاليا على حث الزبائن لنشر تقييماتهم عن المنتجات بشتى الطرق و التي قد تصل أحيانا لطلب التقييم مقابل خصم أو ميزات إضافية، و كل هذا لكي تصل بالزبون للمرحلة الأخيرة من مساره و هي A5.
و لتحقيق الفعالية القصوى للتسويق فإنه يتوجب على العلامات التجارية أن تحافظ على أصالتها و أن تتمتع أكثر بالصفات الإنسانية، و أن تسوق للمحتوى المتعلق بمنتجاتها أو خدماته بكافة الوسائل و القنوات المتاحة لذلك، سواء كانت تقليدية أو الكترونية.
و في السياق ذاته يفضل أن تستخدم الشركات أحد الأساليب لذلك، و هو نظام التلعيب و المتمثل في برامج الولاء و مجتمعات الزبائن، و من أهم الأمثلة على برامج الولاء ما تقوم به شركات الطيران من إعطاء امتيازات للمسافرين على متنها، حيث تزداد تلك الإمتيازات كلما ازداد ولائهم للشركة.
أما أبرز الأمثلة على مجتمعات الزبائن فهو "tripadvisor" الذي يبني مجتمعا كاملا للمستخدمين و يتيح مميزات الولاء و الإتصال الدائم لمعرفة التقييمات والنصائح المتعلقة بالسفر و تجارب الآخرين.