ظهور الفلسفة اليونانية

ظهور الفلسفة اليونانية

بدأ ظهور الفلسفة اليونانية بين القرنين السابع والسادس قبل الميلاد، وكانت بداية ظهورها في المدن اليونانية وتحديداً في مدينة (أيونية) الواقعة على الساحل الغربي لآسيا الصغرى، ثم ظهرت في إيطاليا الجنوبية والمُدن الساحلية الواقعة في جزيرة صقلية، واستمرّت الفلسفة اليونانية بالانتشار إلى أن وصلت في القرن الخامس قبل الميلاد إلى مدينة أثينا في اليونان، حيث بلغت في تلك الفترة أوج ازدهارها، وتطوّرت في القرن الرابع ق.م أثناء حكم الإسكندر المقدوني وخلفائه، لكن أوج الفلسفة اليونانية بدأ بالزوال بحلول نهاية القرن السادس للميلاد.

بذلك اعتبر العديد من المؤرخين أن تاريخ الفلسفة بدأ باليونان واعتبروا أن مؤشّرات المعرفة في الحضارة اليونانية والفكر اليوناني هي بداية المعرفة الفلسفية وأصلها وموطنها الأول، فالفلسفة نشأت في إطار العقلانية اليونانية، كما أن التراث اليوناني هو التراث الفلسفي الوحيد الذي حفظه التاريخ إلى يومنا هذا، وهذا ما لا نجده في الحضارات الشرقية القديمة التي لم تُخلّد في التاريخ ولم يصلنا سوى القليل منها.

ومن أشهر الفلاسفة اليونانيين الذين وضعوا لنا أسس أصول المعرفة: أرسطو مخترع علم المنطق، وسقراط الذي بيّن أهمية نقاش أي شيء قبل الاقتناع به، وأفلاطون الذي ألّف كتاب الجمهورية لشرح ماهية المدينة الفاضلة.

لقد كان الفكر في مرحلته الأولى حكمة لأن الحكماء حاولوا النظر على الوجود نظرة كلية متكاملة وفسروا الوجود بعناصر من الوجود، تسمى بالأيونات أو الأسطقسات وهي ( الماء – النار- التراب - الهواء). نعت هؤلاء الحكماء أيضا بالطبيعيين لأنهم – كما هو معروف قد فسروا الطبيعة بعناصر منها؛ غير أن تفسيراتهم وبحثهم عن المبدأ الأول، أي المبدأ المؤسس للوجود، أو أصل الوجود، لم يكن مجرد سرد خيالي أو كلام خرافي، وإنما نسميه الحدس الفلسفي الذي جعل الفكر الإنساني يخطو نحو مسلمات تفسّر أصل هذا الوجود أو الكل أو الطبيعة، على خلاف ما كان سائدا من الفكر الخرافي عند الإنساني البدائي، وبعبارة أخرى أن اتجاه الفكر الإنساني قد أحال على نبذ عبادة الطبيعة والظواهر الخارقة مثلا وانتقل إلى تفسير أصل الوجود والذي سيصل مع الفلاسفة الإلهيين إلى تفسيرات منطقية يؤكدّها الوحي كفكرة التوحيد أو وجود قوة عظمى هي أصل الوجود مثلا.

من أهم الحكماء السابقين عن سقراط نذكر: طاليس، أنكسِمندرس، أنكسِمانس، هيراقليدس، بارمنيدس، أنبادوقليدس، وأنكساغوراس. ويطلق عليهم " الحكماء السبعة ".

وفي القرن الرابع قبل الميلاد سيتم الانتقال من الحكمة على الفلسفة مع سقراط (468-399 ق م) الذي يرجع إليه الفضل في إرساء أسس التفكير الفلسفي القائم على الحوار التوليدي "المايوتيقا"، وسيليه تلميذه أفلاطون، ثم أرسطو وغيرهم.

لقد ظهرت الفلسفة لأول مرة في بلاد اليونان القديمة، قبل الميلاد مع الفلاسفة الذين ينعتون بالفلاسفة الطبيعيين، أمثال: طاليس، وأنكسمنس، وأنكسمندر...

وقد سموا بذلك الاسم لأن تفكيرهم انصب حول البحث في الطبيعة وأصل الكون، وظهور الفلسفة في الحضارة اليونانية هو كتفكير عقلاني مقابل التفكير الأسطوري الخيالي الذي كان عند اليونانيين قبل ظهور الفلسفة.

وكان فيثاغورس (572 _ 497 م.ق) أول حكيم وصف نفسه من القدماء بأنه فيلسوف، وعرَّف الفلاسفة: (بأنهم الباحثون عن الحقيقة بتأمل الأشياء)، فجعل حب الحكمة هو البحث عن الحقيقة، وجعل الحكمة هي المعرفة القائمة على التأمل.

وقد دأب الكثير من مؤرخي علوم الفلسفة على ربط تاريخ "الفلسفة" الممتد عبر المكان والزمان بالحضارات اليونانية فقط، حيث عَدّوا أن الخطوة الأولى لظهور المعارف الفلسفية هو المنحى المَعرفي في حضارة اليونان، ولكن لو سألنا أنفسنا عن مبررات قبولنا أن موطن الفلسفة هو الفكر اليوناني، نستطيع القول بأنه يوجد إجماع من قبل أغلب المؤرخين القدامى بأن الفلسفة ظهرت بإطار العقلانية اليونانية ويتجنبون الحديث عن الفكر الفلسفي للحضارات الشرقية القديمة؛ مثل:
  1. الحضارة السومرية.
  2. الحضارة الآشورية.
  3. والحضارة المصرية (الفرعونية).
  4. والحضارة البابلية...وغيرها من الحضارات الأخرى.
التراث الفلسفي اليوناني القديم من الناحيّة التاريخية هو التراث الوحيد الذي حَفِظَه التاريخ وخاصة تراث الفيلسوفين أرسطو وأفلاطون، في حين أن التراث الفلسفي الشرقي القديم لم يتبقَّ منه إلا القليل، بالإضافة إلى أن هذه الحضارات لا تكشف عن نظريات ترقى إلى الفكر اليوناني الفلسفي.
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-