هل تموت النفس بموت الجسد ؟؟؟ - جواد بورحيم

هل تموت النفس بموت الجسد

  • عنوان المقالة: هل تموت النفس بموت الجسد ؟؟؟"

  • من اعداد الطالب : جواد بورحيم "شعبة الفلسفة"

كما تعلمون او لا تعلمون ، ان موضوع النفس البشرية من الموضوعات التي شغلت بال الفلسفة منذ ان نزلت الفلسفة من السماء إلى الأرض مع الفيلسوف اليوناني سقراط (يقول أحد أقدم مؤرخي الفكر الفلسفي اقصد شيشرون "سقراط انزل الفلسفة من السماء إلى الأرض")، ان لم نخطئ ان قلنا انها شغلت بال حتى الفلاسفة الذين سبقو سقراط ، فمثلا نجد فيلسوف الصيرورة و التغير المستمر هيراقليطس يقول في احد شذراته "لقد خرجت للبحث عن نفسي " ، لذلك لم يتردد مؤسس التحليل النفسي النمساوي سيغموند فرويد في القول ان هيراقليطس اول عالم نفس في تاريخ البشرية ، ولعل أهم الأسئلة التي كانت تتبادر الى اذهان الفلاسفة بخصوص مسألة النفس نجد ، ما النفس ؟ وهل توجد نفس واحدة ام عدة انفس ؟ ما علاقة النفس بالجسد ؟ مالفرق بين الروح و النفس ؟ لكن السؤال الذي يهمنا نحن هنا هو هل تموت النفس بفناء الجسد ؟ام انها خالدة ؟ بمعنى ادق هل يمكن القول ان النفس تعود الى الحياة بعد انفصالها عن الجسد؟ ، وهو السؤال الذي سأحاول بإذن الله الإجابة عنه ،وذلك من خلال استحضار أو الإشارة إلى رأي الفراعنة بإعتبارهم من الأوائل اللذين قالو بان النفس التموت بموت الجسم حسب مايذهب إلى ذلك المؤرخ اليوناني "هيرودوت" ،وكذا الإشارة ايضا إلى رأي الهندوسيون او البرهميين نسبة إلى إالههم براهما ,بالإضافة إلى تمثل الفلسفة البوذية و الفيلسوف والعالم الرياضي فيتاغورس تم أفلاطون ،وسأعمل في الاخير على إعطاء رأي الدين الاسلامي في هاته النظرية ،و كذا النقد الدي تبناه أحد أعمدة الفلسفة التجريبية اقصد دافيد هيوم ،ذلك الفيلسوف الذي كانت وصيته ان لا يكتب اي شيء في قبره سوى اسمه 'دافيد هيوم".

قبل ان اخوظ في غمار هذا الموضوع سأحاول اولا إعطاء تعريف لمفهوم التناسخ الذي معناه ان النفس لا تموت بموت الجسد بل تسكن اجسادا اخرى سواء اجساد اناس او حيوانات او نباتات ، وبمعنى اخر انني كشخص في القرن الواحد والعشرين قد اكون سبينوزا في القرن 17 م أو اكون هتلر في الحرب العالمية الثانية أو انني سبق ان كنت نبتة ... الخ،

ولعل اول من قال بهذه النظرية في الشرق هم الفراعنة ، حيث كانوا يقمون بتحنيط الجثة ، والتحنيط هي عملية تمكن من الحفاظ على الجثة لوقت جد طويل ، وتتم هده العملية من خلال استخراج كل الأعضاء الموجودة داخل جسم الإنسان باستثناء القلب لأنه في انطباعهم هو الذي سيمكن النفس من التعرف على جسدها عند عودتها إلى الحياة مجددا ، وكانو ايضا يضعون داخل الكفن كل الأغدية التي ستحتاجها النفس اثناء عودتها إلى الجسد الذي سبق ان هجرته، لأن الموت كما يعرفها مهندس المدينة الفاضلة افلاطون في محاورة فيدون هي انفصال الروح عن الجسد بحيث تبقى النفس لوحدها ويبقى الجسد ايضا لوحده .

وبعدما تطرقنا إلى رأي الفراعنة فإننا سننتقل للحديث عن تمثل الهندوسية و البوذية في القرن السادس قبل ميلا عيسى بن مريم رضي الله عنه.

ان الهندوسية نسبة إلى الهند او كما تسمى بالبرهمية نسبة إلى اله الهند القديمة ، التي ظهرت على الارجح خلال القرن الخامس عشر قبل الميلاد ، كانت ايضا تنكر فكرة أن هناك الجنة و الجحيم ، وتقر ان النفس حينما يموت الجسم تصعد الى السماء لكي تتطهر بالعذاب تم تهبط إلى الأرض وتسكن جسدا اخر كيفما كان نوعه حيوان ، انسان...، وخير مثال على ماقلت هو ان الناس في نظر الهندوسية غير متساويين سواء في أعمالهم او دينهم ... حيث كان المجتمع في ذلك العصر منقسم إلى أربعة طبقات أساسية ،وهي طبقة البراهمة ويمتلها الرهبان الذين ينصرفون الى التعبد ، وهم في نظر الهندوسية قد خلقهم الإله براهما من فمه ، تم طبقة الويشيا التي يمتلها الجنود و الحكام وهم يدعون أن برهما خلقهم من كتفه ، بينما طبقة الكاشتر التي تتكون من الفلاحين و التجار قد خلقهم برهما حسب زعمهم من فخديه ، واخيرا طبقة الشودرا ويمتلها العبيد و الخدم اللذين خلقهم براهما من قدميه ، وهذا التقسيم يبين انهم يؤمنون بالتناسخ لان كل من قام بدوره على أحسن وجه فإنه في حياته التانية سيرتقي إلى الطبقة التي تليه ، مثال يصعد الخدم الى طبقة الشودرا و يرتقي الحاكم الى طبقة البراهمة وهكذا...،ونفس الرأي ترعاه وتتبناه الفلسفة البوذية التي اسسها الحكيم الهندي سدهارتا غوتاما الملقب ببوذا (بوذا في اللغة السنسكريتية معناه المتيقظ )، ابن الملكة مايا و الملك سودودانا حاكم إمارة ساكا في الهند, فهو اي بوذا يؤيد فكرة ان النفس ال تموت بموت الجسد ،بل ويقر أن نفسه سبق ان عاشت في اجساد اخرى ، فقد عاشت في جسد حيوان تم جسد انسان فقير و نبتة.... ، حيث تقول بعض الأساطير البوذية انه حينما ولدته أمه مايا تحث جدع شجرة في حديقة لوميني الواقعة بين كابيلافاستو و ديفاداها توقف وخط سبع خطوات وقال بصوت منخفض 'هذه اخر مرة سأولد فيها ", وله قولة أخرى تثبت هذا الاعتقاد وردت في الكتاب المقدس لدى البوذيين "تربيتاكا" حيث يقول لأحد تلاميذه"اني عشت حيوات عديدة وان تكرار الحياة الم " ،وجدير بالذكر أن بوذا كان يقول إن روح الانسان الشرير عند موتها ، تعود وتسكن جسد حيوان يقتات من البراز كالكلب او الخنزير، ويمكن ان تسكن ايضا جسد حيوان يولد ويعيش في الماء كالسمك.

ان كل هذه التصورات التي اشرت اليها ،كلها سبقت ظهور الفلسفة في ملطية مع طاليس Thalès of melteus ، لذلك وجب ان نشير إلى بعض تصورات الفلاسفة في اليونان ، واولها تصور واضع لفظ الفلسفة اقصد فيتاغورس "لست حكيم فالحكمة لا تضاف لغير الألهة وما أنا إلا فيلسوف " ، لانه يعد أول فيلسوف تبنى هذه النظرية وذلك نتيجة تأثره بالنحلة الأورفية وكذا الفراعنة لأنه سبق أن قام بعدة رحلات صوب مصر ، ففيتاغورس كان يقول ان الروح قد تسكن جسد حيوان او انسان او نبات ، لذلك نجده يحرم على أتباعه اكل لحوم الحيوانات وكذا بعض انواع النباتات الفول ،الفاصوليا ...،لانه يقول ان ارواح اصدقائنا اللذين ماتو قد تسكن في النباتات و الحيوانات، ويقال ان فيتاغورس رأى ذات يوم رجل يضرب كلبا فقال له "امسك عن ظربه يا هذا انه نفس صديق لي لقد عرفته من صوته " ، ولعل السبب الذي جعل فيتاغورس يؤمن بتناسخ الارواح هو أنه كانت أسرة ذهبت الى مدينة لا يعرفون الطريق الدي يؤدي اليها ودلهم طفلهم الصغير على الطريق ، وسألت الام طفلها "كيف عرفت الطريق؟ ", فأجاب "انني اعرف لأنني سبق لي ان عشت فيها ",وهنا افترض فيتاغورس انه عاش فيها في حياته الأولى .

وجدير بالذكر أن افلاطون تأثر بهذا الفيلسوف اي فيتاغورس، فتبنى بدوره هذه الفكرة (ان النفس تبقى خالدة لا تعرف الموت) , وله عليها ثلة من الادلة ذكرها على لسان استاذه سقراط في محاورة فيدون او في خلود الروح ، واول هذه الادلة هو التذكر ، فأفلاطون يقول ان النفس قبل تسكن الجسد كانت في عالم المثل تحيا حياة سعيدة برفقة الألهة ، لكن لخطأ ما ارتكبته فنالت عقوبتين اولهما الهبوط الى العالم المحسوس و تانهما ان تسجن داخل الجسد الذي يحول دون بلوغها الحقيقة ،فأفلاطون يقول مادام ان النفس سبق ان عاشت بدون جسد فليس هناك من يمنعها من البقاء مرة أخرى بعد ان تفترق مع الجسد ، اما الدليل الثاني هو التناسخ و الذي يقول فيه ان روح الانسان الطيب حينما تموت ،تصعد الى عالم المثل وتعيش بسعادة تم تنزل وتسكن جسد انسان طيب ايضا، بينما روح الانسان الشرير تعود وتسكن جسد اقل من فالاول، فقد تعود لتسكن جسد امرأة او حيوان.....

وبعدما قمت بعرض كل هذه التصورات التي تؤكد ان النفس لا تفنى بفناء الجسد ، فسأنتقل الان للحديت ان الانتقاد الذي وجهه هيوم لهذه الفكرة .

ان الفيلسوف الانجليزي دافيد هيوم ،يرفض فكرة التناسخ اي عودة النفس بعد الموت ، ويعتبرها فكرة غير عقلانية وأنها مجرد أسطورة ووهم خلقته البشرية .

فاذا كان هيوم يرفض القول بالتناسخ ،فيا ثرى ما موقف الدين الاسلامي في هاته المسألة؟

ان الدين الإسلامي رفض القول بفكرة تناسخ الارواح ، وذهب الى أننا لا نحيا الا حياة واحدة ، تم يأتي بعدها البعث و الحساب او الجزاء ، وكل منا يجزى حسب أعماله في الحياة الدنيا ، فإما ان ندخل الجنة أو الجحيم ، فليس لنا الا حياة وحيدة ، ويتضح هذا من مجموعة من الايات التي ذكرها الله عز وجل في كتابه الكريم ،وفيما يلي ذكر لبعض هذه الآيات
الكريمات:
قال تعالى "وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ". سورة الشورى
قال سبحانه "حتى اذا جاء احدهم الموت قال رب ارجعون لعلي اعمل صالحا فيما تركت كلا انها كلمة هو قائلها ".
سورة المؤمنون
قال جلت قدرته "ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون وإن كل لما جميع لدينا محضرون ". سورة يس

لائحة المراجع المعتمدة:

  • تاريخ الفلسفة اليونانية (يوسف كرم )
  • البوذية تاريخها عقائدها علاقة الصوفية بها (مصطفى عبدهللا نومسوك)
  • البوذية مقدمة قصيرة جدا (داميان كيون )
  • محاورة فيدون (افلاطون)
  • قصة الفلسفة اليونانية( احمد امين +زكى نجيب محمود )
  • دعونا نتفلسف (علي حسين)
والسلام عليكم
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-