خصائص الدول النامية - هادي محمّد المحمود

خصائص الدول النامية PDF
  • مقال بعنوان: خصائص الدول النامية.
  • بقلم: الأستاذ هادي محمّد المحمود

مقدمة:

منذ فجر التّاريخ، مرّت الأمم والشعوب والقبائِل في الكثير مِن الظروف الحياتيّة والتّحديات وواجه الإنسان الكثير من المصاعِب للبقاء على قيد الحياة والتناسل والاستمرار، فهي غريزة البقاء الّتي جُبِل الإنسان عليها، وإنّ التّحديات والضرورات الّتي واجهها عبر التّاريخ هي الّتي أثارت الفِكر البشري للكشف عن المشكلات ومحاولة إيجاد الحلول اللازمة مِن أجل التّكيّف والبقاء، الأمر الّذي أدى إلى تطوّر الشعوب والتّقدّم مِن أجل حياة أفضل لتحقيق سعادة ورفاهية المجتمعات البشرية في هذه الأرض. فيما بعد، وعند التّقدّم الحضاري بعد الثورات العلميّة والفكرية والصناعية، أدّت هذه الثورات إلى ارتقاء المستوى المعيشي للمجتمعات في دول محدّدة دون أُخرى، كالمجتمعات الأروبية التي غزت العالم واستعمرت بلدان أخرى، واستغلّت خيرات وموارد دول يعتبرونها أقل شأنًا منها في الرّقي والتّميّز، فرأوا أنّ استعمار هذه البلاد لمصلحة تلك الشعوب الضعيفة لأنّها لا تستطيع إدارة مواردها الطبيعيّة والإستفادة منها، فاستعمروا تلك البلدان وصنّفوها دول أدنى منهم ثقافيًا وإنسانيًا.. على الرّغم مِن أنّ بعض الشعوب لها خاصيّة عدم التّقدم لأسباب تتعلّق بعقليّتها إلّا أنّ عالِم الاجتماع ( إيمانويل فالرشتاين ) يرى أنّ السّبب الّذي يعوق هذه البلدان من الارتقاء باقتصادها يعود إلى نظام عالمي قائِم على التّمييز يعمل ضدّها. هذه الدّول تُسمّى "الدّول النّامية".

تعريف الدّول النامية وأصل المصطلح:

كانت الدّول الفقيرة والتي تعاني من تأخّر في المجالات الصناعية والابتكار وغيرها من أوجه النّمو والتّقدّم، كانت تُنعَت بمصطلح "الدول المتخلّفة".

في عام 1949م ظهر مصطلح "الدول النّامية" في أحد خطابات رئيس الولايات المتحدة (هاري ترومان)، فأشار إلى ضرورة قيام الدول المتقدّمة بمساعدة الدول النامية كي تتمكّن من التّخلّص من الفقر والجهل والمرض.. فمن هنا ترسّخ مفهوم اقتصاد التنمية.

يُطلق على الدول النامية أيضًا: "دول العالم الثالث" أو "الدول المستنمية"، فهي الدول التي تعاني من انخفاض في مستوى المعيشة، فضلًا عن أن تلك الدول لا تمتلك المقوّمات التي تساعدها على الإنخراط في المجال الصناعي بنجاح ومحاكاة الدول المتقدِّمة، بالإضافة إلى أنّها تأتي في آخر قائمة معدلات التنمية البشرية. يوضح بعض الاقتصاديين أنّ البلدان النامية هي التي تمر بمراحل انتقالية، من أساليب الحياة التقليدية وصولًا إلى الحياة الحديثة، وذلك بالتزامن مع الثورة الصناعية التي اندلعت في إنجلترا.

تصنيف الدول النامية

تمكّن الخبراء والباحثون من تصنيف الدول النامية إلى أكثر من نوع، وذلك لتوضيح الفرق بينها وبين الدول الأقل تقدمًا، فيما يلي التصنيفات للدول النامية:
  • الدول الصناعية الحديثة: تضم الدول الواقعة في جنوب شرق آسيا وبعض الدول الواقعة في أميركا.
  • الدول البترولية: تضم دول الشرق الأوسط والخليج العربي وشمال أفريقيا وبعض الدول الواقعة في أميركا الجنوبية.
  • البلدان متوسطة النمو: هي التي تحتم عليها طبيعتها الجغرافية التقدم ببعض المجالات دون الأخرى، أهمها الدول الواقعة على امتداد السواحل القارية.
  • الأقطار المتخلِّفة: هي التي تنخفض معدلات النمو والتنمية بها بشكل ملحوظ جدًا مثل الدول الواقعة في قارة أفريقيا.

خصائص الدول النامية

  1. تفكّك الهياكل الاقتصادية للدّول النامية وضعف إنتاجها، يظهر ذلك من خلال القطاعات المتفاوتة بين قطاع الفلاحة والصناعة والخدمات، ضعف التصنيع في هذه البلاد وتأخرت في المجال التكنولوجي.
  2. ضعف الإنتاج، مما ساهم في الحد من مشاركتها في التجارة العالمية.
  3. العجز عن تلبية متطلبات السكان الأساسية وحاجيّاتهم المتثلة في: عجز في توفير الغذاء، عجز عن تقديم الخدمات الصحيّة، ارتفاع معدل الأمية، تفشي ظاهرة البطالة، عدم توفر المساكن الصحية المناسبة.
  4. انخفاض مستويات الدخل الفردي، وبالتالي تراجع مستويات المعيشة.
  5. ارتفاع نسبة الديون الخارجية نتيجة اضطراب موازين المدفوعات واختلالها.
  6. الإنفجار السّكّاني.
  7. غلبة القطاع الزراعي بالمقارنة مع المجال التكنولوجي والصناعي.
  8. ارتفاع معدلات الجريمة، انعدام الأمن والاستقرار.

لماذا لم تصبح الدول النامية متقدِّمة بعد ؟

طرح عالِم الاجتماع "فالرشتاين" في كتابه: (نظام عالمي حديث) تفسيرًا جريئًا لسبب عدم تقدم الدول النامية وهو أنّ هذا العالم عالق في نظام يصنع العلاقات القائمة على مبدأ عدم المساواة، بل يذهب إلى أكثر من ذلك ويقول بالاستغلال بين البلدان، فهذا الأمر يؤدي إلى تقييد البلدان النامية ويعيقها عن النّمو، مما يُحدِث نظام يشبه الطبقات الاجتماعية في المجتمع الواحد. ويحاجج فالرشتاين بأنّ جذور هذه العلاقات القائمة على عدم المساواة يعود إلى التوسّع الاستعماري الأوروبي في القرن السادس عشر الميلادي، وذلك عبر استخدام القوّة البحرية والعسكريّة المتفوقة لمصلحتها، ويستمر هذا الوضع (عدم المساواة) إلى يومنا هذا مع انتشار العولمة والتي تعمل على تعزيز استفادة أغنى البلدان على حساب الأفقر منها.

خلاصة:

يؤكّد "فالرشتاين" على ديناميكية العالم، دائم الحركة، وأنّ البلدان تنتقل بين هذه المواقع المختلفة أي بين دول نامية ودول متقدِّمة. لكن نظريّة فالرشتاين تعرضت لانتقاد من قِبل عالِم الاجتماع "رولاند روبرتسون"، الذّي رأى أنّ التركيز على الاقتصاد يؤدي إلى فهم محدود للقوّة، وفقًا لبيار بورديو بأنّ هناك رأسمال ثقافي واجتماعي أيضًا وليس فقط اقتصادي، فبعض البلدان تؤثر ثقافيًا في بلدان أخرى وبإمكانها تحقيق وضعًا عالميًا متقدِّمًا بهذا الشكل، مستندًا إلى مثال دولة آيسلندا، البلد الصغير الذي لا يتجاوز عدد سكانه 250,000 نسمة، حيث تزيد الثقافة الموسيقية التي يتمتع بها هذا البلد من أهميته وفرادته بين البلدان الأخرى.

إذًا، وبما أنّنا نستطيع عبر النّظريات المختلفة في مجال الاقتصاد والتنمية تفسير أسباب ومشكلات النّمو والتقدم.. إذًا تقع المسؤوليّة على الشعب والدولة معًا، فباستطاعة الشعب اختيار رجال ذوي كفاءة لاستلام الحكم، ممّا يستدعي وضع سياسات وقوانين اجتماعية واقتصادية عمليّة جدّيّة وعلميّة، وتطبيقها على أرض الواقع، ما يؤدي إلى تقدّم هذه الدول والتّحرر مِن الاستعمار الاقتصادي (ديون خارجية) والنهضة من خلال استغلال الموارد البشرية والطبيعية ووضع خطط للتنمية المستدامة. وخير مثال على ذلك، توقّع عالِم اجتماع إيطالي "جيوفاني أرِّيغي" عام 2007م في كتابه: (آدم سميث في بكين)، أنّ الولايات المتّحدة ستبتعد عن موقعها القيادي للعالم مع تنامي الصين، التي ستُحدِث عالمًا ذا قوى اقتصاديّة وثقافيّة وعسكرية متعددة.

قائمة المراجع:

1- كتابة yasmeen، آخر تحديث: 27 فبراير 2020، 14:06، بعنوان: خصائص الدول النامية. من الموقع الإلكتروني: https://www.almrsal.com/post/897548

2- إيمان الحياري، خصائص الدول النامية، آخر تحديث: 7:38 ، 5 يونيو 2016 من موقع: موضوع

3- كتاب: موسوعة علم الاجتماع، تأليف: (د. يويل، كريس) (د. ثورب، كريستوفر) (والمستشار: د. تود، ميغان)، ترجمة: شركة المستقبل الرقمي عن الأصل الإنجليزي Heads Up Sociology، حقوق: Dorling Kindersley Limited، ص: 104-105. لا يوجد تاريخ الطبعة.
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-