ماهو الكوجيتو (cogito):
بتحويل فعل مصرف إلى اسم مشترك، نسمِيه كوجيتو (أنا أفكر) منطوق يتلقى؛ عند ديكارت، صور متعددة: "أنا أفكر إذن أنا موجود" (ego cogito ergo sum)، "أنا أكون، أنا أوجد " (ego ergo existo sum)، "أنا أشك إذن أنا موجود". لم يكن ديكارت أول من قدم قضية من هذا النمط (نجده على سبيل المثال سابقا في القرن الرابع لدى القديس أوغسطين (Saint Augustin)، لكنه يتفرد بإحالته وظيفة مزدوجة لهذا الكوجيتو: بالنظر إلى أن هذا المنطوق هو الحقيقة الأولى والوحيدة التي تصمد أمام كل أسباب الشك المتخيلة، فقد كوّن "المبدأ الأول" المزوّد بنقطة انطلاق لبناء فلسفة مضمونة؛ بما أنه مدرك بكيفية "واضحة ومتميزة"، فهو يوفر في مقام ثاني نموذج لكل معرفة حقيقية، .بمعنى معيار الحقيقة . فقد رأينا غالبا في هذه الترقية الديكارتية للأنا موجود ego sum ميلاد تصور حديث، ذاتوي، بل حتى فرداني للفلسفة بوصفها تحقق (إنجاز) للشخص المتكلم؛ بطريقة مستقلة، من خلال التخلص من التقليد ومن السلطات لكل نظام. منذ سنة 1637 وظهور مقال في المنهج (Discours de la méthode)، صار التعليق والنقاش للمشكلات المثارة من طرف هذا المنطوق في جميع الحالات، نوعا من الممر المفروض (الإجباري) لكل من جاؤوا بعد ديكارت: ألا يعيق (يوقف) الكوجيتو حول "الأنا" أكثر مما يحرره، لأنه من الصعب تحديد بوضوح طبيعة هذا "أنا' حيث نثبت الوجود (مالبرانش Malebranche، كانط Kant)؟ ألا نمر بسرعة من "الفاعل" باعتباره وظيفة "الفاعل" باعتباره وظيفة نحوية إلى "الفاعل" كما يفهم فردا، سند هذا الفعل في التفكير (نيتشه Nietzsche)؟ هل أنا متأكد أن "أنا" الذي يقول "أنا أفكر" هو نفسه من هو "موجود", بمعنى أن الوعي الذي عندي بنفسي كمفكر مماثل (مطابق) لما أكونه، وبالتالي فليس لدي ضرورة وعي، إن خلفا كهذا يكرّس الطابع الاستثنائي لهذا المنطوق، تماما مثلما يكون في سجل آخر، من القضايا الفلسفية النادرة الي أفلتت من الاختصاصيين لتصبح حقا شعبية.
- المصدر: مقتطف من كتاب الفلسفة فى 100 كلمة