الظاهراتية / الفينومينولوجيا

 

الظاهراتية / الفينومينولوجيا

الظاهراتية / الفينومينولوجيا :

تتمثل المهمة الأولى والأساسية للفلسفة الظاهراتية "الفينومينولوجيا"، كما تصورها إدموند هوسرل E. Husserl في محاولة تجاوز النظرة الطبيعوية Naturalist والوضعية Positivist التي تعتبر وقائع الحياة اليومية، وظواهر الحياة الاجتماعية عموما معطاة للإدراك الحسي المباشر. وتهدف  إلى جعلها موضوعا لتفكير عقلي متسام يحقق معرفة موضوعية عن بنياتها الجوهرية. لذلك فإن المهمة الأساسية للفلسفة الظاهراتية (الفينومينولوجيا) عند هوسرل هي الكشف عن المسلمات الضمنية أو الكامنة التي تقوم عليها تعابير أي علم طبيعي، أو اجتماعي وحتى الفلسفة ذاتها. بهذه الطريقة يتم النظر إلى الظاهراتية باعتبارها فلسفة نقدية لا تسعى إلى بلوغ معرفة حقة فحسب، بل تسعى للكشف عن المصدر الحقيقي لكل المعارف الإنسانية أيضا.

لقد كان هوسرل يأمل أن تؤدي بحوثه في هذا الميدان إلى إيجاد حل للأزمة المزمنة التي تعاني منها العلوم التجريبية، وكذلك الفكر المثالي من خلال إخضاع مسلماتهما لمبدأ الشك المنظم. لذلك باستطاعتنا القول أن فكرة ديكارت ( Descartes ) القائمة على مبدأ إخضاع معطيات الخبرة للشك المنظم، ورفض التصور غير النقدي تجاه عالم الحواس، والخبرة والتجربة قد شكلت الأرضية الأساسية لفلسفة هوسرل. لكن هذا الأخير اعتقد أن ديكارت لم يذهب إلى منتهى تفكيره، ولم يتخذ موقفا جذريا فيما تعلق بالنتائج الطبيعية المنبثقة عن اكتشافه للذات المفكرة  باعتبارها مصدر المعرفة. ذلك أن ديكارت، كما رأى هوسرل، لم يول قضيتين جوهريتين ما تستحقانه من العناية والبحث. أولا؛ الارتباطات الموجودة بين المراحل العملية لمجرى التفكير. وثانيا؛ التمييز بين التفكير كفعل وبين موضوع التفكير. ويعتقد هوسرل أنه وجد حلا ملائما للقضية الثانية التي اعتبرها ذات أهمية خاصة عند أستاذه بارينطانو (Barentano) الذي أشار إلى الطابع القصدي/ العمدي للتفكير الإنساني. إذ أن كل تجربة كما تبدو في مجرى التفكير تشير بالضرورة إلى الموضوع المدرك، أي موضوع الخبرة والتجربة، أو موضوع الوعي. إذ ليس هناك تفكير أو وعي دون موضوع للتفكير.

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-