الكينونة existence
هل يمکن للكينونة أن تكون مفهوما فلسفيا أم على
العكس من ذلك ليست هي ما يقلق، بل حتى تنهك الفكر والخطاب الفلسفيين؟ بالفعل فإن الإعتراف
بعدم اختزال الكينونة في الفكر العارف والمنطق، إلى الفهوم، هو مايضع الميتافيزيقا
بطريقة أساسية موضع التساؤل بوصفها فكر الوجود والمثالية باعتبارها مماثلة تامة للوجود
بالفكر. في كل معاني المصطلح، راوغت الكينونة الفلسفة التي اعتقدت بانتهائها مع هيغل
Hegel إلى إقامة معرفة مطلقة وشاملة. ذلك لأن الفيلسوف،
إذا ما صدقنا كير كغارد Kierkegaard،
لم ينس في طريقه سوى شيئا صغيرا: هو نفسه. بمعنى هو ذاته كفرد موجود، مهتم بشغف بوجوده،
حيث أن الفرادة الملموسة لا تقبل الإختزال إلى أية فكرة أو ماهية مجردة والتي لا تختلط
مع موضوع المعرفة.
هذا فالكينونة محددة بكيفيتين بوصفها التخييل
الذي يسبق على الدوام الفكر وبکونها الفرد الذي هو أكونه أنا وأود أن أكونه. إذن يمكن
أن يظن بأن أخذ بعين الإعتبار الكينونة ضد العقلانية الفلسفية الشاملة يفسح الطريق
في الفلسفة أمام اللامعقول. لکن ليس في نقد المعرفة عدول عن الفکر، بل حتي لا توجد
كينونة إلا ضمن العلاقة الإشكالية والمتحمس للفكر بالوجود.
هذه العلاقة تمنح للكينونة معناها المزدوج: فهي
في الوقت ذاته معطى خام وأولي، وحركة غير مكتملة نحو الذات، الحرية، المشروع والتاريخ.
يبقى أن هذا "المدخل" للكينونة ضمن
الخطاب الفلسفي ربطها بمفهوم الذاتية. لقد بحث هیدغر Heidegger عبر مصطلح الدزاين Dasein الكشف عن الأساس اللاذاتي للكينونة
بوصفها وجودا - في - العالم ووجود لأجل الموت. يبد أن تحذير كير كغارد Kierkegaard لم يجعل فحسب الكينونة
منسية لدی الفيلسوف: إن الفلسفة متجذرة في الإهتمام بالذات لأجل کینونتها، والكينونة
هي المفهوم الفلسفي الأول.