مقالة فلسفية : ايجابيات وسلبيات العولمة :

مقالة فلسفية : ايجابيات وسلبيات العولمة

 

مقالة فلسفية : ايجابيات وسلبيات العولمة :

ايجابيات وسلبيات العولمة:

المقدمة:كثيرا ما تسمع كلمة العولمة فهي اصبحت على لسان كل الصحف والقنوات الفضائية والحصص التلفزيونية فهي حقيقة عالمية وظاهرة من اهم الظواهر التي شهدها تاريخ الانسان فهي كلمة مؤخوذة من اللغة الفرنسية حسب محمد علي الجابري تعني شيئ على المستوى العالمي أي نقله من المحدد المراقب الى غير المحدد بناءا عن كل نقابة وتعني الكوكب او ما نسميه بالسيادة الدولية القومية وهي نظام ظهر بعد الانتقال من الثنائية القطبية التي تعود شرائعها الى مواد و م أ ان فكرة العولمة اثارت جدل من نقاد وفلاسفة ومفكرين فالبعض يرى انها ظاهرة ايجابية وبنقيض ذلك هناك من يراها انها ظاهرة سلبية وفي ظل هذا الصراع نتساؤل هل يمكن ان نقبل العولمة ام نرفضها وماهي ايجابيات وسلبيات العولمة؟

الموقف1:هناك الكثير من المفكرين من يعتقد ان العولمة اعصار مدمر للقيم وانها ظاهرة سلبية يجب مواجهتها فهي في نظرهم اكبر اكذوبة واخطر قناع ترتديه ايمبرالية الراسمالية العالمية فهي تشكل خطر على وجودنا الثقافي وتميزنا الحضاري لانها تعمل على بث الثقافات استهلاكية عن طريق قنوات تلفزيونية اما من الناحية الاقتصادية فتأخذ الدول الصناعية دور البائع والدول المتخلفة دور المشتري وهذا مايجعلها دائما مستهلكة تابعة فأصبح الانتاج والاستثمار يأخذ بالمنضور العالمي اما من الناحية السياسية فإن الدول الكبرى تأيد أبشع افاعي الحكم التسلطي رغم تظاهرها بنشر الديمقراطية ورعايتها للحريات وحقوق الانسان فهي تسلط اشد العقوبات التي تتمسك بسيادتها الوطنية كما انها قد تحاصرها او تعزلها عن العلم هذا ما يمثله النظام الدولي الجديد الذي يعتدي اعتداءا على سيادته ومشاكله الداخلية اما من الناحية المعلوماتية فإن الغرب يستخدم العولمة لغرض الهيمنة او بسط النفوذ ونشر ثقافة العنف ومختلف المظاهر الاخلاقية ونشر الثقافة الجنسية بالمفهوم السلبي مستعملا في ذلك وسائل الاعلام والاتصال لقتل الاخلاق والعادات الاجتماعية وفرض نمط القافة الغربية الأمريكية .

النقد: لكن ما يؤخذ على انصار هذا الاتجاه انهم جعلو كل ماجاءت به العولمة سلبي فقط واهملو الاثار الايجابية لها فلا يمكن وصف دورها بالسلبي فقط وان سايرنا ما تبناه اصحاب النظرية التشاؤمية نجد نفسنا معزولين عن العالم ومنحصرين ضمن قوقعة من محرمات وانحرافات وقتل المبادرات الفردية وهذا ما يجعلنا نقول انه ليس من الحكمة الابتعاد عن دافع العولمة بل يجب الاستفادة من مختلف مظاهرها .

الموقف2: يرى انصار الاتجاه الثاني ان العولمة قد تحمل بعض المزايا ولها ايجابيات على مختلف المجالات حيث انها ادت الى صياغة عالم جديد مليئ بالتكنلوجيا والتطور وهذا ما جعل المؤيدين يذهبون الى حد التأكيد ان العولمة تأدي الى تقليص القوة بين الاغنياء والفقراء وتقريب الثقافات ونشر حوار الاديان وتآلف الحضارات مع بعضها البعض كما ان العولمة تأدي الى نقل التكنلوجيا للعالم الثالث والاعتماد الواسع على معايير الكفاءة الاقتصادية وارتفاع حجم التبادل التجاري والخدمات مما يؤدي الى تحريك رأس المال واتساع دور ونشاط الشركات المحلية والدولية من ناحية سياسية انشات مصطلحات علمية جديدة تتجلى في الديمقراطية احترام حقوق الانسان انهء الانظمة الاسطوانية اما بعدها الثقافي فيتجلى في تقليص ابعاد الزمان والمكان باستخدام الكمبيوتر والانترنت وهذا ما يؤكده الدور الكبير لوسائل الانتاج فإنتشرت مظاهر الحياة الجديدة فأصبح العالم قرية كونية صغيرة وبالتالي تتطور سبل النهظة والحضارة .

النقد2: رغم كل هذه الايجابيات التي حققتها العولمة في التعاملات وتبادل الثقافات لكن لا يمكن ان ننسى ما احدثته من فوارق طبقية بين الاغنياء والفقراء بالاضافة الى نشر الخلافات بين الدول وزرع الفتن والقضاء على المقومات الاساسية لبناء المجتمع ونشر السلوكات اللاأخلاقية التركيب: تبقى العولمة بمفاهيمها الكثيرة والكوكبة والامركة بسيف ذو حدين فقد تكون سلبية اذا لم تفرق الشعوب كيف تستفيد منها ودخلت فيها بعيون مغلقة اما الشعوب التي تدرك كيفية الاستفادة منها فهي احسنت استغلالها فبذلك قد تكون العولمة ايجابية .

الاستنتاج.اذن ليست المشكلة في العولمة بل في كيفية التعامل بها ومعها والمشكلة الثانية تكمن في طبيعة الشخص الذي يريد معها فإذا كان يريد الاستفادة الحقيقية من العولمة من لبها استطاع ان يحاكي العولمة بإيجابية وان لم يعرف كيفية التعامل معها واخذ القشور منها كانت في نظره سلبية وستبقى كذلك مقالة جدلية حول العولمة .

طرح الإشكالية:إن تطور المجتمعات البشرية أدى إلى ظهور الدولة ككيان سياسي له سيـادة و سلطة سياسيا و اقتصاديا فتعددت و تنوعت الدول تبعا لمقتضياتها الثقافية و الإقليمية و مع سقوط الاقتصاد الموجه (الاشتراكي)و سيطرت الليبرالية سياسيا و اقتصاديا ظهر مفهوم العولمة و كان من الطبيعي أن تظهر ردود أفعال متباينة بين رجال الفكر و السياسة من رافض للعولمة و مؤيد لها فأي الموقفين نؤيد و أيهما نرفض وهل يمكن التوفيق بينهما؟.

محاولة حل الإشكالية:عرض الأطروحة :إن العولمة في نظر أنصارها، تقوم على الحرية في المجالات الاقتصادية ،و الاجتماعية ،و الثقافية ،و السلوكية ،دون مراعاة الحدود السياسية للدولـة ،و دون حاجة إلى إجراءات حكومية. ومن إيجابياتها في نظرهم:على المستوى الاقتصادي تؤدي إلى تشجيع المبادلات الاقتصادية التي تجري على نطاق عالمي، بعيدا عن سيطرة الدولة القومية ،و هذا يؤدي إلى تنشيط الاستثمارات في الدول النامية، وتنشيط الصناعات ،و فتح مجالات العمل أمام العمالة المتخصصة، مما يحفز العمال على الرفع من مستوى أدائهم. كما تؤدي إلى تعميق الروابط التجارية بين الدول، من خلال فتح أسواق العالمية ،و بالتالي التمكن من الاستهلاك الواسع للسلع. كما تؤدي إلى تحفيز الدول النامية على إصلاحات هيكلية في أنظمتها المختلفة، لرفع قدرتها على المنافسة كما تخلق سوقا عالمية واحدة تساهم في توسيع التجارة و نمو الناتج العالمي بوتيرة أوسع و أسرع. و بالتالي تنتج فوائض مالية تستغل لفائدة الإنساني، في المجال الثقافي. إن التدفق الحر للأفكار و المعلومات و القيم، يقدم لكل فرد في العالم فرص استثنائية للتقدم و التطور حيث يتجاوز الفرد الدائرة الضيقة للإعلام الوطني،(الانترنت الفضائيات"الربط بين الحضارات فتصبح ثقافات الشعوب في متناول الجميع كما أن الثورة المعلوماتية الحديثة تسهل حركة الأفراد، و المعلومـــات و الخدمات، مما يؤدي إلى اتساع مساحة الحرية، و تقارب الحضارات. ومن هنا فالعولمة تفتح أمام الإنسان مجال الحرية الديمقراطية، و المساواة و الاندماج في نظام عالمي متطور بما تتيحه من تحرر للإنسانية، و تفاعل بين مختلف الطاقات المكونة لها. يقول الدكتور علي حرب: "إنها تخلق الإنسان التواصلي الذي تتيح له الأدمغة الآلية والتقنيات الرقمية التفكير والعمل على نحو كوكبي وبصورة عابرة للقارات والمجتمعات والثقافات"

نقد الأطروحة: الواقع يثبت أن العولمة أدت إلى تراجع في المستوى المعيشي، لكثير من الشعـوب، و ظهور البطالة بتسريح العمال، و كثرة الصراعات و الحروب.

نقيض الأطروحة: يرى المناهضون للعولمة، أن الاقتصاد المعولم يقع خارج نطاق تحكم الدولة القومية مما يزيد من امكانات الصراع و التنافس، ويزيد من دور الشركات المتعددة الجنسيات فتصبح فوق سيطرة الدولة .تؤدي العولمة إلى انقسام العالم إلى دول فاحشة الثـراء و الغنى و دول فقيرة عاجزة على المنافسة. مما يدفع الدول الفقيرة إلى تخفيض الأجور فتضعف القدرة الشرائية للمواطن، كما تضطر إلى تخفيض الضرائب عن الدخل بهدف تعزيز مكانتها التنافسية، مما يؤدي إلى تقليص المزايا الاجتماعية للعمال، كما تؤدي العولمة إلى تخفيض الإنفاق العام و تسريح موظفي الدولة ،فتنتشر البطالة و الفقر حيث بينت بعض الإحصاءات إن ثلث سكان العالم تحت خط الفقر و أحصى اليونيسيف 12 مليون طفل يموتون من أمراض يمكن علاجها و 75 مليون متشرد نتيجة إثارة النزاعات الطائفية، و العرقية التي يثيرها دعاة العولمة لإيجاد ذرائع لأفكارهم حول الديمقراطية و العولمة تحت المظلة الشرعية الدولية. كما أن الدول التي انساقت من (إفريقيا و أمريكا اللاتينية ) لمفهوم العولمة تضررت بينما استفاد الأقوياء. فهي استعمال ثقافي و سياسي جديد و يرى البعض إن العولمة خطة أمريكية هدفها تحويل العالم إلى إمبراطورية كبيرة تديرها أمريكا، هدفها القضاء على المقومات الحضارية، خاصة الإسلامية من خلال البنوك العالمية ووسائل الإعلام. فالعولمة إذا ليست هيمنة اقتصادية فحسب، بل تمتد إلى الجانب الثقافي للأمة فنشئ الصـراع بين التقاليد و المستورد، مما يفتح المجال للهيمنة الثقافة الغربية، كما أنها تؤدي إلى تدمير أخلاقي. فهي ليبرالية إباحية ، أدت بالكثير من الدول و الشعوب إلى إن فقدت السيطرة على إدارة شؤونـها و تحديد مستقبلها. يقول الدكتور محمد عابد الجابري:"العولمة المعاصرة، بما أنها طموح إلى الهيمنة الشمولية على عالم الإنسان، المادي منه والروحي، فإنها تخترق معطيات العالم الواقعي بتسويق المنتوجات المصنعة، المادية وشبه المادية، والثقافية وشبه الثقافية، كما تخترق معطيات العالم الغيبي، عالم اللامرئي، بأفلام "الخيال العلمي"، وبالانترنيت وتقنيات الاتصال، وقد تَجْمع في الشخص الواحد بين هذين النوعين من الاختراق"!

نقد نقيض الأطروحة: رغم هذه السلبيات، فإن العولمة أدت إلى تنشيط الاستثمارات في كثير من الدول، فتطورت اقتصاديا و خرجت عن عزلتها، كما أن العولمة المعلوماتية تؤدي إلى التقارب الفكري والثقافي بين الشعوب و الأمم، و زيادة الترابط بين المجتمعات{ القرية العالمية}.

التركيب:مادامت العولمة أمرا واقعا يفرض نفسه يجب التعامل معه لذا يذهب الكثير إلى الاعتقاد أن مواجهة سلبيات العولمة يقتضي الاندماج فيها و ذلك بما يلي :أن تحدث الدولة إصلاحات إدارية و سياسية كفيلة بحفظ سيادتها.رفع مستوى التأهيل لدى العمال خاصة اليد العاملة المتخصصة.خلق قاعدة علمية و جعل المنظومة التعليمية تواكب التطورات التكنولوجية و المعرفية مما يجعل الفرد قادرا على الإبداع و الإنتاج. تنسيق سيادة القانون فيشعر المواطن بالأمان في وطنه. تعزيز التكامل الإقليمي بين الدول و دعم الخدمـات الحيـوية، كالتعليــم و الصحة بزيادة الضريبة على الدخل على أصحاب الأعمال.

الخروج من الإشكالية: الاندماج في العولمة بكيفية سلمية يقتضي تخطيطا محكما يسمح بالاستفادة من إيجابياتها و تفادي سلبياتها و على الأمم أن تغلب القيم و المفاهيم التي تنمي الروح الوطنية و تحترم التعددية الثقافية بامتلاكها و عيا وسلوكا جديدين.و ذلك بترقية القيم الوطنية إلى مستوى العالمي.

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-