- عنوان الكتاب: سوسيولوجيا الثقافة - المفاهيم والإشكاليات من الحداثة إلى العولمة - PDF
- تأليف: د. عبد الغني عماد
- الناشر: مركز دراسات الوحدة العربية
حول سوسيولوجيا الثقافة - المفاهيم والإشكاليات من الحداثة إلى العولمة - :
سؤال الثقافة شغل السوسيولوجيين والأنثروبولوجيين ولا يزال. وهم لطالما رددوا
أن الثقافة هي لحظة ما بعد الطبيعة، ولأنها كذلك فهي طريقة في معرفة الأشياء وفي إدراكها.
والمعرفة والإدراك يتمان من خلال إنتاج صور ذهنية تسبغ المعنى على الأشياء والظواهر،
وتؤسس معايير لفهمها من خلال ترتيب العلاقة بين عناصرها بحيث تتضح الغاية منها.
كما يهدف هذا الكتاب إلى طرح إشكالية الثقافة،
ويستعرض أبرز المقاربات الأنثروبولوجية والإيديولوجية والسوسيولوجية التي تناولتها
بالنظر والتحليل. وهو يتوقف عند تأثرها بظاهرة العولمة والتفاعلات الحادثة والمصاحبة
لها بفعل التطور الهائل على صعيد تقنيات الإعلام والاتصال عموماً، والذي ازدادت أهميته
مع مطلع هذا القرن الجديد بما لا يقارن مع ما كانت عليه الحال في القرن الماضي، ما
يستوجب إعادة تحليل ظاهرة الثقافة، ودراسة كيفية اشتغال العناصر الثقافية وتفاعلها
بعضها مع بعض.
والكتاب لا يكتفي بالعرض والتحليل، بل يعتمد
أيضاً النقد والتفكيك لكل إشكالية من الإشكاليات التي تتركز حولها محاور البحث في علم
الاجتماع الثقافي. وهو إذ يعرض المقاربات المتعددة والتعريفات المختلفة، فإنه يخلص
إلى مناقشتها ونقدها طارحاً إشكالية تأصيل الثقافة من خلال مفهوم “النمط” وصولاً إلى
أطروحة ماينوفسكي الوظيفية والتي تتضمن مفهوم “النظم الاجتماعية”، وإميل دوركايم وأطروحته
في “العقل الجمعي” وصولاً إلى مفهوم “النسق” عند تالكتوت بارسونز في إطار المنظومة
المعرفية التي قدمها، بالإضافة إلى مفهومي “الحقل الثقافي” و”الرأسمال الرمزي” اللذين
قدمهما السوسيولوجي الفرنسي بيار بورديو كأداة مفهومية ومنهجية جديدة لتحليل ومقاربة
ظاهرة الثقافة. ويخلص من خلال هذا العرض النقدي إلى كشف “لعبة المفاهيم” من خلال المقارنة
التفكيكية لأبرز المفاهيم السوسيوثقافية الرائجة، مثل مفهوم الـ”Hubitu” أو النزوع الشخصي الاجتماعي لبيار بورديو، ومفهوم
“البيروف” عند ماكس فيبر، والنموذج الإرشادي (Paradigm) عند توماس كون، مما يمهد للقول بأن الاختلاف
في المقاربات ليس إلا انعكاساً جدلياً للبنى المعرفية المتعددة، ونتاجاً للمنظومات
الفكرية التي أنتجتها، وحصيلة للفاعلين الاجتماعيين في أزمنتهم وأمكنتهم وتكيفهم مع
الواقع، ما يطرح بقوة نسبية هذه المقاربات على اختلافها.
يناقش الكتاب محددات الاجتماع الثقافي وخصائصه
وآليات التفاعل محاولاً إعادة النظر ببعض المسلمات، باعتبار الثقافة متغيرة، نسبية
ونامية، وباعتبارها أفكاراً بقدر ما هي أعمال، متباينة في المضمون متشابهة في الشكل،
وباعتبارها انتقالية وانتقائية وتراكمية.
داخل كل منظومة شبكة مرجعية تلعب فيها القيم والمعتقدات الدينية، بالإضافة إلى العادات والأعراف والتقاليد فضلاً عن التراث الشعبي، دوراً وظيفياً وبنيوياً في تفعيل عملية التفاعل الثقافي وجعله أكثر دينامية، وبخاصة مع تنامي الأبعاد الرمزية للثقافة ووظائفها الظاهرة والمضمرة وتنوعها، بل تسرب هذه الأبعاد إلى مناح عديدة من العلاقات المعاشة التي يمارسها الفاعل الاجتماعي دون إدراك أو وعي في كثير من الأحيان.